مقدمة مختصرة
(لا تجزع يا خالد.. كل إنسان يموت.. وصيتى لك أن تبحث عن أنامل الأثير.. أنت الوحيد القادر على ذلك.)
رفع خالد أصابعه ليرتكن عليها بجبهته وهو يغلق عينيه مبتسما فى شئ من المرارة بينما يذكر وصية والده فى سويعاته الأخيرة.. الوالد الذى فقد فيه الصديق، والمعلم، والأخ الأكبر، والعراب.. اعتبر وصيته فرمانا واجب التنفيذ رغم أنه لم يكن يعى مطلقا ما يرمى إليه.. أنامل الأثير، وما أوصله إلى أنامل الأثير، وما قادته إليه أنامل الأثير.. حقيبة الأسرار التى لم يفهمها فى حينها، ثم انكشفت أمامه شفرتها من حيث لم يتوقع لتقلب حياته رأسا على عقب، ولتلقى على عاتقه مسئولية عمره ذاته.
حينما حار الأقدمون فى ماهية الكون وأجرامه، صدقوا فى وجود ما هو غير كائن.. اعتقدوا فى كيان يحمل كل شئ، وسيطا لدوران الكواكب، ومضى الشهب، وانطلاقة الضياء.. أسموه الأثير.. الفضاء الذى يحوى تفسيرا لكل الغموض والأسرار.. المادة غير الملموسة التى يكمن داخلها مغزى مرور الأيام وتعاقب الأزمنة.. المبهم الذى يقدر الله له الحدوث بين حين وآخر، فتتداعى له القواعد ويتحطم على صخرته المنطق.. حكوا عن الأثير الجامع قرونا عديدة، لكن أحدا لم يصف بعد ما يمكنه الحدوث حين تمس حياته أنامل الأثير.