مقدمة مختصرة
لقد أطلق الإسلام المرأة من عِقالها، ورفع عنها إصرها، وأتاح لها دوراً فريداً لم تقم به من قبل في المجتمعات العربية وغير العربية، حين وضعها على قدم المساواة مع الرجل، وحين خصها باستقلال شخصيتها، وحين كرمها أُمّاً ورحمّاً، وعرضاً، ورمزاً للمودة والرحمة، فلا مجال إذن للقول بأن الإسلام فرض على المرأة قيوداً، أو انتقص من حقوقها، أو أخرَ مكانتها، ولسوف يبين من خلال الشخصيات التي ترد في هذا الكتاب مصداق ما نقول، لكنَّ للإسلام منهجاً يحتاج إلى بيان، وبقدر ما تتضح خطوط هذا المنهج يكون البرهان قاطعاً على صدق ملاحظاتنا.
إن أهم سمات المنهج الإسلامي أنه استخرج الأمة المسلمة من أحشاء العصر الجاهلي، فصبغها بصبغة الله: ﴿وَمَنْ أحْسَنُ مِنَ اللهِ صِبغْةً(، ومن ثم باعد بينها وبين ماضيها الجاهلي، كأنما قطعها عنه قطعاً، وأعطى الإسلام الأمةَ - رجالاً ونساءً - مجموعة من القيم الجديدة التي أنشأ بها في الناس واقعاً جديداً هو الأمة المسلمة، صار الرجال فيها غير ما كانوا، وصارت النساء غير ما كُنَّ، وهو ما يتجلى في شخصيات هذا الكتاب، ومن المؤكد أنه لو لم يجئ الإسلام لمرت الحياة العربية رتيبة خاملة بليدة، كما مضت مئات القرون قبلها، ثم انطمرت في الرمال، وغاصت في قلب الزمن.